فلسفة الأخلاق
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

فلسفة الأخلاق

التسامح والمواطنة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 حدود التســــــامح وعوائقه في الفلسفة الغربية الحديثة .حيرش بغداد محمد ج7

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 82
نقاط التمييز : 56014
السٌّمعَة : 10
تاريخ التسجيل : 07/01/2009

حدود التســــــامح وعوائقه في الفلسفة الغربية الحديثة     .حيرش بغداد محمد ج7 Empty
مُساهمةموضوع: حدود التســــــامح وعوائقه في الفلسفة الغربية الحديثة .حيرش بغداد محمد ج7   حدود التســــــامح وعوائقه في الفلسفة الغربية الحديثة     .حيرش بغداد محمد ج7 I_icon_minitimeالأربعاء مايو 13, 2009 1:13 pm

-عوائق التســـــــــــــــــــــــامح:
لم يكن التسامح مقبولا لدى جميع الفئات والاتجاهات. التسامح بإطلاق يعني قبول الخطأ، والتسامح الديني في نظر الكنيسة لا يمكن أن يوصف بأنه فضيلة، لأنه في نظرها يجعل الشر والخطأ ممكن. والكنيسة الكاثوليكية تعرف التسامح الديني حسب ما أورده بدوي: << السماح السلبي بشر حقيقي أو مفترض.>>([27]). إن التفكير في التسامح يتطلب قياسا لحدوده وتقديرا لعوائقه. وهذه الحدود تظهر وتتجلى من خلال "غير المسموح به"، كالآراء المضادة للتسامح، أو الأفعال التي تهدف إلى تقويض أو إلغاء حرية التعبير. فعدم التسامح في هذه الحالة يحمي التسامح نفسه من انحرافاته المحضة. فلا يمكن مثلا أن لا نتسامح مع الأفكار غير المتسامحة. يقول أومبرتو إيكو:<< من واجبنا كمثقفين أن نؤكد أن كل شيء قد تغير إلا هذا: مسؤوليتنا على أن نرسم الخط الفاصل بين ما يمكن السكوت عنه وما لا يمكن ...>>([28]). وخاصة أن إيكو قد اتخذ موقفا غير متسامح من "اليمين المتطرف"، وكان من الموقعين على النداء المتضمن رفض التعاون مع أي مثقف، أو فعالية إعلامية لها علاقة مع ذلك الاتجاه. وفي جوابه عن سؤال ما إذا كان لا متسامحا، اعتبر أن المرء كي يكون متسامحا يجب أن يرسم حدودا لما لا يمكن التسامح معه. لا يمكننا مثلا وانطلاقا من المبادئ الديمقراطية نفسها أن نقبل الأفكار غير الديمقراطية. ورغم أن سبينوزا قد دعا إلى الدفاع عن الحق المؤسساتي لكل فرد في التفكير فيما يشاء وقول ما يفكر فيه، حتى وإن كانت آراءه تظهر لنا على أنها خاطئة. إلا أنه دعا في نفس الوقت إلى محاربة كل الأفكار الخاطئة وغير العقلانية التي لا يمكن البرهنة عليها، أو لا يمكن أن تكون موضوعا للتواصل. عكس الأفكار العقلانية التي لا تحتاج إلى أي سلطة خارجية ما عدا سلطتها الداخلية، بما تتضمنه من معقولية. يرى سبينوزا أن التسامح هو اعتراف بحرية الآخر. يقول : << لا يتمثل التسامح في اعتبار أن أي رأي صحيح، ولكن الاعتراف بالحرية الكاملة للغير في التفكير بذاته والتعبير عن آراءه..>>([29]) التسامح مشروط بالسماح لكل فرد في التفكير والتعبير عن آراءه من جهة. ومن جهة أخرى مشروط بمحاربة هذه الآراء إذا كانت خاطئة ولا تنسجم مع نظام الطبيعة. ومعيار صحة الأفكار أن معرفة الإنسان للأشياء تجعله يتعرف أكثر على قدراته، وعلى نظام الطبيعة وقوانينها. ويمكنه ذلك من توجيه ذاته. وأنه كلما عرف نظام الطبيعة كلما صاغ قواعدها بسهولة.
يرى إرنست كاسيرر أن التسامح الذي يقع في نوع من نزعة اللامبالاة الخالصة لا نجده إلا عند بعض المفكرين غير المعتبرين، أو من الدرجة الأخيرة. وهذا النوع من التسامح يقبل كل الأفكار بدون مراعاة نسبة الصواب والخطأ فيها، ويعتبر أن الجميع على صواب مهما كانت آراؤهم. بحيث لا يرى داعيا للدفاع عنها، وهنا جانب اللامبالاة فيه. وقد لاحظ ريكور أن "الحوار النقدي" يمكن أن ينعدم في حالة التسامح المفرط الذي يرى أن كل الآراء سواء، ولن يوجد بالتالي من سيدافع عن الحقيقة. تقول جولي سعادة: << إذا كان التسامح يدعونا إلى تقدير كل الآراء بحيث نتوقف على إصدار كل حكم حولها،أولا نقلل من قيمتها.ألا نخاطر بإفلاس مقدما كل نقاش نقدي؟ التسامح سيكون بالتالي موقفا يكتفي بأن لا يثبت أية حقيقة،أو الدفاع فقط عن حقيقته...>>([30]) أما الحوار النقدي فيحتاج كما في الحوار السقراطي إلى التهكم والسخرية بغية تجاوز الأفكار المسبقة أو الجاهزة، للعلو إلى مرتبة أعلى من المعرفة. أو كما هو الحال عند السفسطائيين الذين يشككون في كل الحقائق ويطالبون الخصوم دائما بتقديم الأدلة التي تثبت صحة أفكارها، وبهذه الطريقة استطاعوا تنقية المجتمع من كثير من الخرافات. التفكير الفلسفي عموما لا يمكن أن ينمو إلا بواسطة النقاش والحوار النقدي. يميز أخيرا ريكور بين التسامح والاحترام فقد يحصل أثناء الحوار ألا نتسامح مع آراء الآخرين وألا نقبلها، وفي نفس الوقت نحترم أصحابها. فهذا ليس مبررا للإساءة إليهم، وما نحترمه فيهم هو كونهم أناسا أحرارا، فالتسامح لا يعني دائما قبول الرأي الآخر. وهذا ما عبر عنه فولتير في قوله: "قد أختلف معك في الرأي لكنني سأدافع دائما عن حريتك".
كل خطاب عموما لا يمكن أن ينتج خارج دائرة العنف التي يمارسها على الخطابات الأخرى. فكل خطاب بقدر ما يثبت ذاته ويدافع عن أطروحاته بقدر ما ينفي ويستبعد خطاب الآخرين. وتفكير الإنسان حسب ليفيناس ليس غريبا عن العنف، وإن كان الإنسان بدون عنف سيكون خارج الوجود (لا شيء، لا تاريخ، لا إنتاج). إن الخطاب الذي ينتج بدون أدنى عنف لن يحدد شيئا، ولن يقول شيئا ولن يقدم شيئا إضافيا للغير. يقول دريدا شارحا أفكار ليفيناس:<< حسب ليفيناس، فإن اللغة غير العنيفة، ستكون لغة محرومة من فعل الكينونة، أي من كل إعلان ودعوة. الدعوة هي العنف الأول...اللغة غير العنيفة ستكون في الأغلب لغة الدعاء الخالص، العبادة الخالصة، لا تتطلب إلا أسماء الأعلام لمناداة الآخر من بعيد.>>([31]). حسب ليفيناس هناك نوعان من التواصل: هناك أولا تواصل الناس مع بعضهم البعض، وهناك ثانيا تواصل الإنسان مع الله من خلال الأدعية. التواصل الأول يتخلله العنف لأنه يقوم على الدعوة إلى شيء ما، إلى فكرة ما. الإنسان في هذه الحالة يكشف عن نفسه كحرب. لذلك يتكلم ليفيناس عن فعل الكينونة الذي له وظيفة إثبات الذات وعدم تشابهها مع الذوات الأخرى، والتفكير بهذا الشكل يظهر دائما الاختلاف. أما الشكل الثاني من التواصل فيقوم على المناداة والمناجاة، والدعاء باستخدام أسماء الأعلام لمناداة الله. ينتقد ليفيناس الميتافيزيقا التي كانت تدعي أنها لا تقوم على العنف لأن ذلك غير صحيح، فهي تحتاج إلى الدعوة الدينية/prédication La. إذا لا خطاب يخلو من عنف. في كتابه "الكلية واللانهاية" يقف ليفيناس ضد ما سماه "فلسفة الحياد". الفلسفة التي لا تثبت ولا تنفي وبالتالي لا تدخل في الصراع الدائر بين القوى المختلفة (قوى السلام والحرب، صراع الحقيقة مع الخير، صراع الفلسفة مع الأنبياء). يقول ليفيناس:<< فلسفة الحياد التي تكون أفكارها مغايرة جدا بأصولها وبتأثيراتها، تترابط لكي تعلن عن نهاية الفلسفة، لأنهم يحمسون على الطاعة التي لا يطلبها أي وجه...>>([32]). وهنا ينتقد بالذات الفلسفة المثالية الهيجيلية التي تضحي بالشخص لحساب العقل، فالشخص والأنا يصبحان عنصران محايدان في حين يصبح العقل العنصر الفاعل والموجه للحياة والطبيعة والتاريخ. وينتقد الفلسفة المادية مجسدة في الفلسفة الأخيرة لهيدجر، بحيث يتم وضع الأحداث الأساسية للوجود بدون علم الإنسان. في هذا السبق الزمني للمادة على الإنسان يصبح الإنسان مرمى به في الوجود. والنتيجة الأساسية في هذه الواقعة هي أن الإنسان لا يمكن أن يكون سيدا على الوجود. يقول: <<الموجود الذي يجد نفسه مرمى في الوجود لا يستطيع أبدا أن يكون سيدا على الوجود...>>([33]). وفي هذه الحالة يصبح الإنسان محايدا وتصبح الطبيعة هي الفاعلة والمسيطرة، وهذا تعبير عن نزعة مادية.
في "هكذا تكلم زردوسترا" يرى نيتشه أن الحكمة تريدنا ساخرين، عنيفين، غير مكثرتين. إن الحكمة امرأة، وهي لا تحب إلا محاربا. ويقيم نيتشه مجموعة من المماثلات بين الحقيقة والمرأة، فكلاهما يتميز بالعمق، يرتدي قناعا يختفي وراءه، بحيث أن المرأة لغز، وليس لهذا اللغز إلا مفتاح واحد وهو كلمة "الحمل" أو "الحمل الفكري" الذي ينمي حسبه طبع محبي التأمل. إن الرجل يحب شيئين: المخاطرة واللعب لذلك فهو يحب المرأة لأنها أخطر الألعاب. الفلسفة اضطرت ولمدة طويلة من الزمن إلى الاختفاء وراء مجموعة من الممارسات وأنماط التفكير، كالكهانة والدين أو ما سماه نيتشه باختصار المثالية الزاهدة (L’Idéal ascétique) التي تبدي رفضا للعالم وكرها للحياة، وتقهر الحواس وتستغني عنها. مما جعل الفلسفة تبقى على الحياد. ويتساءل نيتشه إذا كان ممكنا ممارسة الفلسفة على هذه الأرض. يقول: <<...حتى في وقتنا فإن الكاهن الزاهد ظهر مثل يرقة مستبعدة ومظلمة...هل يوجد اليوم ما يكفي من الفخر والجرأة والشجاعة والثقة والإرادة الروحية والإرادة المسئولة وحرية الإرادة لكي يكون وجود الفيلسوف ممكنا وواقعيا على الأرض؟>>([34]). إن نموذج الكاهن الزاهد لا ينسجم مع الممارسة الفلسفية التي يريدها نيتشه أكثر مرحا وأكثر إقبالا على الحياة، منفتحة أكثر على ما كان يعتبر من الدوافع القبيحة (الخطأ، الكذب، السخرية، اللايقين) كشروط للحياة والمعرفة معا. فكما أن النفوس الطيبة مفيدة وصالحة لحفظ النوع كذلك النفوس القوية والخبيثة، فهذه الأخيرة هي التي تثير الشكوك وتدفع بالتفكير إلى الأمام، وتتطلع للجديد. يقول نيتشه: << إن النفوس القوية، النفوس الخبيثة هي أولئك الذين ساهموا أكثر حتى الآن في التقدم البشري:إذ لا يتوقفون أبدا عن تحميس الأهواء الخامدة مجددا –كل مجتمع منظم يحذرها- لا يتوقفون أبدا عن إيقاظ روح المقارنة، التناقض، تذوق الجديد.>>([35]). ونيتشه من بين هذه النفوس القوية والخبيثة، فهو ناقد للتصورات الميتافيزيقية، والممارسات الدينية المسيحية التي يصف طقوسها بأنها نوع من المتاجرة مع الماوراء، وأن الكنائس وأماكن العبادة هي مجرد قبور للإله. ولا يتردد في إعلان أنه لا يؤمن بأي إله. متسائلا في "أصل الأخلاق" إذا لم يكن الله نفسه يمثل خطئنا الدائم؟ الخطأ الذي بدأ منذ أفلاطون عندما اعتبر أن الله هو الحقيقة، وأن الحقيقة غيبية تقع في عالم مفارق للوجود الإنساني، لا نبلغها إلا بتجاوز الحواس والتخلص من أعبائها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://philo-ethique.alafdal.net
 
حدود التســــــامح وعوائقه في الفلسفة الغربية الحديثة .حيرش بغداد محمد ج7
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حدود التســــــامح وعوائقه في الفلسفة الغربية الحديثة .حيرش بغداد محمد
» حدود التســــــامح وعوائقه في الفلسفة الغربية الحديثة .حيرش بغداد محمد ج3
» حدود التســــــامح وعوائقه في الفلسفة الغربية الحديثة .حيرش بغداد محمد ج4
» حدود التســــــامح وعوائقه في الفلسفة الغربية الحديثة .حيرش بغداد محمد ج5
» حدود التســــــامح وعوائقه في الفلسفة الغربية الحديثة .حيرش بغداد محمد ج6

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
فلسفة الأخلاق :: مساهمات و توجيهات للباحثين :: مساهمات فكرية-
انتقل الى: