فلسفة الأخلاق
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

فلسفة الأخلاق

التسامح والمواطنة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 اشكالية الاخلاق....

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ilhem ben haouas

ilhem ben haouas


عدد المساهمات : 8
نقاط التمييز : 54511
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 28/05/2009
العمر : 35

اشكالية الاخلاق.... Empty
مُساهمةموضوع: اشكالية الاخلاق....   اشكالية الاخلاق.... I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 12, 2009 7:27 am

مدخل عام:

في البداية يجب علينا أن نعرف أن المسألة الأخلاقية – كغيرها - مسألة فكرية شغلت بال المفكرين والفلاسفة منذ القدم, فطرحت نفسها على طاولة الحوار والنقاش. تعددت الآراء والأفكار في شأنها مما أدى إلى ظهور مدارس أخلاقية عديدة ( الأبيقورية, السفسطائية, الرواقية... ). وكان للمفكرين الإغريق ( أبيقور, أرسطو, سقراط, أفلاطون .... ) دور بارز في دفع مسألة الأخلاق إلى التحليل العقلي والنقاش الفكري. فمثلاً راج المذهب العقلي عند الفلاسفة اليونان القدماء وكان الإلزام الخلقي عندهم يخضع للعقل فنجد أن هيرقليطس (475 ق . م ) آية الفعل النبيل خضوعه لقانون العقل وآية الفعل الخسيس منافاته لهذا القانون، وجرى في هذا التيار سقراط ( 399 ق . م ) الذي أرجع الأخلاق إلى العقل ومن ثم كانت الفضيلة علماً والرذيلة جهلاً.
والدين أيضاً أظهر أفكاره في الأخلاق كونه جزء من التاريخ الثقافي والإنساني الطويل ليحاول بشكل أو بآخر تأكيد معتقده – كما سنرى – أو لإثبات وجوده ودحض حجج نقاده فالأخلاق بالنسبة للدين شيء أساسي لعمل دعاية للعقيدة التي يتبناها بين الناس أعني على سبيل المثال أن الشخص س ذو أخلاق رفيعة من صدق وأمانة وإخلاص ... الخ. جاء ع1 وتحدث لـ ع2 عن أن أخلاق س رائعة ثم ع2 تحدث لـ ع3 و ع4 وهكذا انتشر خبر أخلاق س الرفيعة في كافة أنحاء القبيلة وأصبح ذو سيط محمود وموثوق بين جميع المجتمع المحيط به. ولكن عندما يستغل س ثقت الناس به عن طريق الإدعاء بأن هناك ملك نوراني اسمه جبريل قد نزل عليه وهو في غار حراء ليطلعه على أمور ستحدث في مستقبل البشرية, هذا ما يتنافى مع أخلاق س الذي عهدناه صادقاً. وقد يدعي س أيضاً أنه قد رأى الفيل يطير بجناحين في السماء ثم ذلك الفيل قد أرسل الوحي ليخبره عن الأمم التي ستدخل النعيم والأمم التي ستدخل الجحيم أي النار– أعاذنا الله وإياكم منها –. ولكن !! عندما لا يكون هناك دليل, لن أقول لكم دليل مادي بل دليل معقول منطقياً على الأقل يؤكد صحة كلامه, بوجود الفيل الطائر عندئذ ينتقل س من ذلك الشخص الخلوق والصادق إلى شخص استغلالي يستغل ثقة الناس به ليحقق طموحاته للوصول مثلاً إلى حكم العشيرة.
وهذا المثال ينطبق تماماً على شخصية الدين عندما نجرده من قدسيته ونتعامل معه بعين الناقد الذي يبحث بموضوعية وتجرد.
لهذا إن الأخلاق الجميلة التي يدعي الدين الأحقية فيها والأسبقية في معرفتها هي بكل بساطة إحدى الطرق البراجماتيكية ( الذرائعية ) التي يستخدمها الدين للحصول على أكبر عدد من المؤيدين لعقيدته وأفكاره.
والمشكلة الخُلقية حالها كأي مشكلة تعترض الفكر الإنساني الذي يحاول أن يحل مشكلاته ليتجه نحو الكمال.
فلقد حارت المسألة الأخلاقية وترددت بين ( الأخلاق النظرية ) وهي أخلاق الفلسفة وبين علم الاجتماع الأخلاقي.
ولابد من الإشارة إلى أن التيارات الأخلاقية – كما أسلفنا – قد تباينت حلولها المطروحة في المشكلة الخلقية فتصدر عن وجهة نظر عقلي محض تارةً أو عن تفكير تجريبي خالص تارةً أخرى, غير أنها جميعاً لا تخرج عن كونها تعبيراً أيديولجياً وفلسفياً لأصحابها .
والحقيقة أن العثور على حلول متعددة للمشكلات الأخلاقية لا يأتي من العلم وإنما يصدر عن العقل, فالأخلاق ليست غريبة عن ضرورات العقل ولا يمكن للحياة الأخلاقية أن تستغني عن ذلك الجهد العقلي الذي يحاول معرفة دواعي الواجب معرفة واضحة. فالحياة الأخلاقية إذن لا تقوم بلا تأمل وتفكير وإذا لم تكن الأخلاق معقولة فلن تكون عندئذٍ إلا إلهاماً أعمى.
سأبدأ بتعريف علم الأخلاق وتوضيح بعض المفاهيم الأخلاقية لأنتقل إلى نقد ربط الأخلاق بوجود الله, فهناك حجج نقدية عديدة في هذا الموضوع, وسأنتهي بنقد الأخلاق الدينية, حيث أنني سأتعامل مع الدين بمعزل عن القدسية, أي بعد تجريده من قدسيته التي يحفها به أصحابه, فهم يرونه ذلك الكائن الأليف الذي لا يتجاوز عتبات دور العبادة.
أ - علم الأخلاق:
الأخلاق هي دراسة, وتقييم السلوك الإنساني على ضوء القواعد الأخلاقية التي تضع معايير للسلوك, يضعها الإنسان لنفسه أو يعتبرها التزامات وواجبات تتم بداخلها أعماله أو هي محاولة لإزالة البعد المعنوي لعلم الأخلاق, وجعله عنصرا مكيفاً, أي أن الأخلاق هي محاولة التطبيق العلمي, والواقعي للمعاني التي يديرها علم الأخلاق بصفة نظرية, ومجردة . وكلمة أخلاق ETHIC مستخلصة من الجدار اليوناني ETHOS, والتي تعني خلق. وتكون الأخلاق ETHIC طقما من المعتقدات, أو المثاليات الموجهة, والتي تتخلل الفرد أو مجموعة من الناس في المجتمع < 1 >
إن علم الأخلاق يحاول أن يحدد للإنسان مبادئ العمل وقواعد السلوك. ينطلق دائماً للبحث عن المثل العليا وتحقيق ما يجب أن يكون فيطلق أحكاماً تسمى أحكام وجوب أي أحكام قيم وهذا ما يجعل من علم الأخلاق علم معياري ويقربه من علم المنطق في آلية استشفاف الأحكام آنفة الذكر. إلاّ أن هناك من الفلاسفة يفرقون بين نوعين من الأخلاق وصفي ومعياري:
فالوصفي أي العادات التي يتبعها مجتمع من المجتمعات في شؤون حياته أما المعياري فهي نظرة فلسفية تحدد مواطن الخير والشر في مطلق الزمان.
ولكن يمكن المزج بين النوعين السابقين – أي بين الأخلاق الوصفية والمعيارية – فأعتقد أن الأخلاق النظرية يجب أن تترجم إلى الواقع أي نقل الأفكار من حيز العقل المجرد إلى حيز الواقع العملي .... وقد قال الأستاذ تيسير شيخ الأرض في كتابه " الفحص عن أساس الأخلاق " كلاماً يبين الرابط بين الأخلاق الوصفية والمعيارية :
والحقيقة أن الفلاسفة يُفرقون عادة بين أخلاق وصفية وأخرى معيارية.علم الأخلاق باختصار: مجموعة من المبادئ النظرية والقواعد العملية التي يجب على الفرد إتباعها ليحيا حياته الطبيعية, أي الحياة الإنسانية السوية التي تجعل المرء يعيش بسلام مع بني جنسه.


ب - الإنسان كائن أخلاقي:
إن إحدى المميزات الكبرى للوجود الإنساني هي اعتبار الإنسان كائناً أخلاقياً يحتضن في أعماقه قوة باطنية هي الشعور الأخلاقي أو الضمير الذي يحكم على الأفعال الإنسانية على ضوء ما تستحقه من قيم أخلاقية. ولقد عرف الإنسان هذه التجربة الأخلاقية وهذا الميل نحو الخير عملياً منذ بداية ظهور الحياة الاجتماعية, فأخذ يصدر أحكاماً تقويمية على سلوكه وعلى سلوك غيره من الناس. وإذا كان صحيحاً أن لدى الإنسان حاجات ودوافع عضوية يسعى لإشباعها مثله في ذلك كمثل غيره من الكائنات الأخرى إلا أنه يختلف عن تلك الكائنات جميعاً في أنه الكائن الوحيد الذي يستطيع مراقبة دوافعه وإعلاء غرائزه .
< 4 >
ج – القيمة الأخلاقية:
* القيمة بشكل عام: حاضرة في سلوك الإنسان, تحدد اتجاه هذا السلوك وترسم مقوماته فهي تلازم عملنا وتمثل مطالبنا الدائمة والمؤقتة. مثال ذلك : من الأجدر أن يكون الإنسان شجاعاً لا جباناً , قوياً لا ضعيفاً، فالقيام بهذا التفضيل يسمى تقويماً .
تبدو لنا القيمة في ثوب نرغب فيه أو هدف نبتغي نواله أو توازن نسعى لتحقيقه, إن القيمة قد تتبدد عندما نحصل عليها ولكن لا تزول نهائياً لأنها ستظهر في مطلب جديد.
إن اللذة والفرح والسعادة – وهي قيم - تفقد أحسن بهجتها حين نملكها ولكن تعود من خلال أمل جديد في حياتنا وباختصار القيمة تتمثل كل هدف نختاره ونرغب فيه أو نفضله كالحقيقة والصحة والسعادة كلها قيم نرغب فيها ونبتغي الحصول عليها
* أما القيمة الأخلاقية: هي أسمى القيم لأنها غاية بذاتها ولا تقاس بنفعها وتعلو كل القيم الأخرى بما فيها القيم العقلية والفكرية التي لا تتمتع بهذه القيمة الرفيعة إلا إذا اتجهت اتجاهاً أخلاقياً يقرب الناس من بعضهم لبعض ليحقق لهم الخير الذي يصبون إليه , أفعال الإنسان الأخلاقية المتنوعة من استقامة وإيثار وأمانة جميعها ذات قيم أخلاقية لأنها جديرة بالتقدير والطلب وعموماً فالقيمة الأخلاقية هي الخاصة المميزة لفعل أخلاقي نرغب فيه ويكون جدير بالطلب.
د - المذهب العقلي في الأخلاق:
يوجد مذاهب أخلاقية كثيرة وعديدة إلا أن أقواها هو المذهب العقلي.
فالاتجاه العقلي في الأخلاق يرى الواجب أو الإلزام أنه يصدر عن سلطة باطنية في الإنسان نفسه هي ( العقل ) وليس من سلطة إلهية كما يرى الدين, إن الدين ينظر إلى الخير كما يريده الله لنا فيربط بين فعل الخير والطاعة ومن هنا كان فعل الخير يؤدي إلى طاعة الله وبالتالي دخول الجنة.
لقد لقي هذا الاتجاه – أي المذهب العقلي - دعاة بين الفلاسفة اليونان قديماً وكما تحدثنا في بداية هذا المقال عن هيرقليطس وسقراط فهرقليطس وجد أن آية الفعل النبيل خضوعه لقانون العقل وآية الفعل الخسيس منافاته لهذا القانون وجرى على دربه سقراط الذي أرجع الأخلاق إلى العقل ومن ثم كانت الفضيلة علماً والرذيلة جهلاً
(( العِلمُ فضيلةٌ والجَهلُ رذيلةٌ )).
في ضوء هذا الاتجاه العقلي صدرت آراء تلميذ سقراط, أي أفلاطون, في فكرة الإلزام الخلقي حيث يتحقق عنده الخير الأقصى أو السعادة للإنسان بإخضاعه الشهوات الحسية لصوت العقل والعقل هو الذي يلزم الإنسان بإتباع الخير وتجنب الشر. وبالتالي فإن ذلك يتعارض تماماً مع فكرة الدين التي تجعل من عقولنا قاصرة وغير قادرة على التفريق بين ما هو خير لنا أو شر لنا.
قد رأت المدرسة الرواقية ( وضع أصولها زينون 336 - 264 ق.م ) أن الإلزام الخلقي على اتصال وثيق بالعقل, فالعقل وحده هو الذي يحدد قيم ومقياس الخير و الشر ومن هنا كان شعار المدرسة الرواقية الرائع: (( عشْ على وفاقٍ معَ الطبيعةِ )) أي بمقتضى العقل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
اشكالية الاخلاق....
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مشكلة الاخلاق الدينية ؟؟؟؟
» الاخلاق في الفكر الديني.1/نقد فكرة ارتباط الأخلاق بوجود الإله ( الإله والأخلاق )..

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
فلسفة الأخلاق :: مساهمات و توجيهات للباحثين :: مساهمات فكرية-
انتقل الى: